ماذا يعني ترميم البشرة ؟
البشرة هي الطبقة الأولى من الجلد والتي تتعرض أولاً للندبات والحروق أو المؤثرات البيئية المختلفة، لذلك يسعى خبراء التجميل باستمرار لإيجاد الحلول التي تحافظ عليها، كما تحتل مكانة مهمة في علم الجراحات التجميلية.
عندما يتعرض الجلد للحرق، أو الندبات المختلفة وغيرهما، تظهر أهمية جراحة التجميل في إعادة البشرة لوضعها الطبيعي، وذلك عن طريق وسائل مختلفة تحقق هدفاً واحداً هو ترميم البشرة.
فالمقصود هنا بترميم البشرة هو إعادة البشرة لوضعها الطبيعي عن طريق استخدام الوسائل الطبية. جدير بالذكر أن الجلد يقوم بترميم نفسه بعد حدوث الضرر عبر “ميكانيزمات” طبيعية خلقها الله للحفاظ على البشرة ضد الأضرار الخارجية.
على سبيل المثال لكي لترمم البشرة نفسها، ينتقل نوع من الخلايا من حافة الجرح ليعيد بناء النسيج المتهتك. ولكن دعنا نتساءل هل يمكن أن يكون الضرر كبيراً فيستعصي على الطرق الطبيعية المسؤولة عن إعادة التوازن داخل الجسم؟ بالطبع من الممكن أن يحدث ذلك، وحينها نحتاج إلى تدخل طبي لترميم البشرة.
ما الوسائل الطبية المستخدمة في ترميم البشرة ؟
هناك العديد من الوسائل لترميم البشرة، بعضها يعتبر جراحياً، والبعض يمكن تنفيذه منزلياً. يتم اختيار الوسيلة المناسبة على حسب كل حالة بواسطة الطبيب المتخصص، ومن تلك الوسائل:
كشط البشرة
تعود تقنية كشط الجلد “Dermabrasion” إلى العصور الفرعونية بمصر القديمة، حيث استخدم المصريون القدماء المرمر والحجر الأسفنجي لهذا الغرض. تم إدخال الشكل الحديث لهذه التقنية في ألمانيا أوائل القرن العشرين، تحديداً عام 1905 على يد كروماير.
تطورت التقنية واستحدثت أدواتها، كما تتميز هذه التقنية نظراً لوصولها لعمق كبير داخل البشرة بقدرتها على التخلص من الوشم المحفور داخل الجلد “Tattoo”.
كشط البشرة المصغر
يختلف كشط البشرة المصغر “Microdermabrasion” عن الكشط في درجة عمقه داخل البشرة، حيث إنه يستهدف أولى طبقات البشرة والمعروفة باسم “Stratum corneum”.
للكشط المصغر استخدام علاجي آخر في مجال التوصيل الدوائي حيث يسمح بتوصيل بعض الأدوية من خلال الجلد عن طريق إزالة الطبقة الخارجية من البشرة متيحاً للدواء فرصة اختراق الجلد ليصل إلى الدورة الدموية.
وبغض النظر عن الاستخدامات الأخرى، يعد استخدام الكشط المصغر أو الكشط السطحي لتجميل سطح الجلد بعد وجود ندبات سطحية تدخلاً خفيفاً، لا يحتاج إلى تخدير أو جراحة.
وللتمييز أكثر بين كشط الجلد وكشط الجلد المصغر يمكننا تخيل سيارتك الجديدة وقد أصيبت بخدوش سطحية -ولتكن ندبات سطحية تركها حب الشباب وراءه- فقمت بإصلاح هذه الخدوش بأحد السوائل الملمعة لتخفي أثر الخدوش.
لن تتعطل سيارتك عن العمل أكثر من يوم ريثما يجف الملمع كذلك لن يطول تعافي جلدك من الاحمرار الخفيف أكثر من يوم واحد، وهذا هو الكشط المصغر.
أما عن الكشط الجراحي، فإن الجراح المتخصص سيصل لطبقات أعمق وكأنك أرسلت سيارتك إلى الفني المتخصص ليقوم بعملية كشط شاملة ليصل لدرجة أكبر من العمق يستطيع بعدها تنفيذ تحسين ملحوظ.
لذلك، لا يمكن الاعتماد على الكشط المصغر في إزالة الوشم المنقوش بعمق ولا لإزالة ندبات حب الشباب العميقة أو علامات الولادة.
التقشير الكيميائي
ويتضمن التقشير الكيميائي وضع مواد كيميائية مقشرة على البشرة، لتقوم بتقشير الطبقة المصابة بالندبات مظهرة الطبقة السليمة المشرقة من البشرة.
يضم التقشير الكيميائي أيضاً عدة درجات من العمق مثل التقشير العميق، والتقشير المتوسط، والتقشير السطحي.
يتميز التقشير العميق كما هو واضح من اسمه بالوصول لطبقات الجلد العميقة ولذلك فإنه يستخدم الفينول ويعرف باسم تقشير فينول جوردن بيكر “The Gordon Baker phenol peel”.
أما التقشير المتوسط فإنه يسمى “Combination medium depth peeling”، وأخفهم على الإطلاق التقشير السطحي الذي يتم بواسطة تركيبات حمض الجليكوليك “Glycolic acid formulations”.
جدير بالذكر أن موقع الجمعية الأمريكية لجراحة الجلد يصنف استخدام حمض الجليكوليك ضمن التقشير المتوسط، وتفسير ذلك أن تركيز حمض الجليكوليك المستخدم وكذلك عدد مرات استخدامه تؤثر في عمق الطبقة الجلدية التي يصل إليها، فيمكن أن يستخدم بشكل سطحي تماماً، كما يمكن أن يستغل كتقشير متوسط.
على أية حال فإن اختيار درجة التقشير والتركيبات المستخدمة فيه يقع على عاتق الجراح التجميلي المتخصص، حيث يقرر الأنسب لحالة كل بشرة بعد المناقشة مع المريض.
ترميم البشرة بالليزر
منذ ظهور تطبيقات الليزر في الحقل الطبي والعالم يندهش من كفاءة استخدام شعاع الليزر وإنجازاته. فما الذي يميز الليزر في الأصل عن الضوء العادي؟
هل أشعلت من قبل مصباحاً عادياً في الظلام وحاولت توجيهه ليشير إلى نقطة بعينها؟ ماذا حدث؟ بالطبع تشتت الضوء في أكثر من اتجاه وأضاء مساحة أوسع من النقطة المشار إليها.
بينما إذا استخدمت مؤشراً ليزرياً “LASER Pointer” وحاولت التأشير على نقطة محددة فإنك ترى الضوء على هيئة نقطة محددة مهما كانت المسافة طويلة، وذلك لأن شعاع الليزر يتميز بأنه لا يضم الألوان السبعة للطيف بل يحتوي لونا واحداً فقط ، كما أن أشعته تسير بشكل متوازٍ ومتماسك.
ماذا يهمنا من خواص الليزر في هذا المقال؟
بالطبع سنركز في حديثنا عن ترميم البشرة بالليزر، حيث إن هذه الخواص الفريدة لشعاع الليزر –أحادية اللون والتوازي والتماسك- تتيح للمتخصصين استخدامه ببراعة في ترميم الوجه أو البشرة بشكل عام والتخلص من عيوبها، وهناك عدة أنواع من المعالجات الليزرية لندوب البشرة:
ترميم البشرة بالليزر الاستئصالي “ABLATIVE LASER”
ويعتمد الليزر الاستئصالي على إزالة الأنسجة المطلوبة، وتندرج تحته تقنية ليزر ثاني أكسيد الكربون “CO2 LASER”، والتي تعد حجر الأساس لأي تقنية علاجية ضوئية. يمكن لهذه التقنية إزالة كمية كبيرة من الأنسجة بدون تعرض للنزيف، إلا أن مقدار الطاقة المتولدة عنها تترك بقايا من الحرق الحراري في النسيج المحيط والذي يعد مسؤولاً بشكل جزئي عن الاحمرار الذي قد يستمر في جلد المريض لمدة ستة أشهر.
في منتصف التسعينات، دخلت تقنية أخرى إلى علم طب الجلدية وتعرف باسم “Erbium:YAG LASER” وتعتبر هذه التقنية مميزة عند الاحتياج إلى إزالة أنسجة جلدية مع تجنب حدوث حرق حراري.
ليزر الصبغة النبضية “PULSED DYE LASER”
بالإضافة إلى ترميم البشرة بالليزر الاستئصالي توجد تقنية أخرى تتبع مبدأ تحليل الأنسجة انتقائياً، يمكن أن نسميها بـ “ليزر الصبغة النبضية” أو كما تعرف بالإنجليزية “Pulsed Dye LASER”، وهي تعتمد على أنها تطلق موجاتها الضوئية بطول موجي منتقى بعناية ليستطيع الهيموجلوبين الموجود طبيعياً في أوعيتنا الدموية أن ينتقيه ويمتصه، هذا الامتصاص الانتقائي يساعد في تدمير الدورة الدموية الدقيقة في المنطقة المطلوبة فقط، مما يمنع تكون الندبة.
التحليل الضوء-حراري المجزأ “FRACTIONAL PHOTOTHERMOLYSIS”
ترجع بداية هذا الأسلوب لتاريخ قريب على يد مانستاين وزملائه عام 2004، وتعزى تسميته “المجزأ” لطريقة عمله، حيث يعتمد على إطلاق آلاف من الإشعاعات الليزرية في نفس الوقت على سطح الجلد بطريقة تسمح باستهداف جزء معين من البشرة، متجنبة الأنسجة المتداخلة معها.
رغم أن هذا الأسلوب بدأ بتقنية لا استئصالية في أول الأمر، إلا التطور العلمي وسع مساحات استخدامه وصار يستخدم في كلا التقنيتين الاستئصالية “Ablative” واللا استئصالية “Nonablative”.
دهان حمض الريتينويك موضعياً “TOPICAL RETINOIC ACID”
في دراسة منشورة عام 1993 على مجموعة من المرضى الذين تضررت بشرتهم من أشعة الشمس ضرراً أدى لنقص ملحوظ في مادة “الكولاجين 1” الموجودة طبيعياً في الجلد لتحافظ على مرونته وجد أن استخدام حمض الريتينويك والذي يتم صرفه من الصيدليات على شكل كريم يستخدم موضعياً ساعد في استعادة مادة الكولاجين بشكل جزئي.
يتميز استخدام كريمات حمض الريتينويك بأنه ليس تدخلاً جراحياً ولا يحتاج إلى التواجد في المستشفى وإنما يمكن استخدامه في البيت مع وجود توجيه طبي متخصص.
ترميم الوجه
نحتاج إلى ترميم الوجه من فترة لأخرى سواء بالطرق المنزلية البسيطة أو بالطرق الطبية وذلك لكثرة تعرض الوجه للمؤثرات الخارجية والغبار ومساحيق التجميل التي قد تؤثر على البشرة وغير ذلك من العوامل البيئية.
ويجب الانتباه إلى أن بشرة الوجه حساسة أكثر من أي بشرة أخرى في الجسم بالإضافة لأنها أكثر ما يلفت الانتباه عند النظرة الأولى إليك، لذلك يجب التعامل معها بحذر شديد واختيار دكتور ماهر جداً في ترميم الوجه حتى تكون النتيجة مرضية.
ماذا بعد ترميم البشرة ؟
بعد أن استعرضنا المقصود من ترميم البشرة، وتتبعنا كيفية إجرائه بشكل صحيح طبياً عبر الأنواع والتقنيات المختلفة، ينبغي علينا أن ننبه لكيفية الحفاظ على البشرة لا سيما بعد إجراء عملية ترميمها:
- يجب الحفاظ على المعاملة الرقيقة للبشرة خاصة بعد ترميم الوجه نظراً لان بشرته حساسة أكثر من باقي الجسم، وذلك باستخدام الصابون الطبي الموصوف، أو باستخدام المنظفات المخصصة للرضع.
- المحافظة على الترطيب المستمر للبشرة.
- حماية البشرة من التعرض العنيف لأشعة الشمس، كما ينبغي استشارة الطبيب أو الصيدلاني في اختيار واقي شمس بمعامل وقاية مناسب.
- عدم محاولة تقشير البشرة باليد، ولكن ندع البشرة تتحسن بشكل تلقائي.
- التواصل الفعال مع الجراح التجميلي لمتابعة ما يجد من استفسارات.
وبصفة عامة، الحفاظ على غذاء صحي متوازن وعلى الأطعمة الطازجة كالفواكه المحتوية على فيتامينات “أ، ج، هـ وكاف” من النصائح الجيدة للحفاظ على البشرة. دمتم نضرين مشرقين.