عملية تكميم المعدة
زيادة الوزن هي واحدةٌ من أهم الأمور التي تشغلنا وتعكر علينا صفو الحياة ومتعة تناول الطعام، ولسنا نتحدث هنا بالطبع عن أولئك الذين يأتون على الأخضر واليابس ويتناولون الطعام بكمياتٍ لا يمكن تخيلها دون أن تظهر خليةٌ دهنيةٌ واحدةٌ في أجسادهم فهم أكثر البشر حظًا، إنما نقصد بقية البشر الذين سرق منهم هؤلاء الحظ الحسن فصرنا كلما تناولنا قضمة وجدنا أرقام الميزان تتحرك، هناك أناسًا أصبحت أرقام الميزان تزورهم في كوابيسهم!
وحيث صارت مشكلة زيادة الوزن دائمةً في عصرنا الحالي خاصةً مع توافر الأطعمة السريعة المشبعة بالدهون والزيوت وعادات تناولنا الطعام الخاطئة بدأت الحلول كذلك بالظهور، منها قوائم الأنظمة الغذائية التي لا تنتهي وقائمة الممنوعات التي تصبح أكبر فأكبر خلال النظام الغذائي وظهور حبوب وعقاقير تساعد على فقدان الوزن وممارسة الرياضة بأنواعها المختلفة.
لكن أحيانًا يصبح كل ذلك بلا جدوى وسببٌ من أكبر الأسباب هو انعدام الصبر عند الكثيرين بينما كل تلك الوسائل تتطلب منك شهورًا من الالتزام والانضباط القاسيين في حين أننا نبحث عن وسائل سريعة وحلولٍ سحرية، كان ذلك يومًا ما مستحيلًا أما اليوم استطاع الطب أن يكشف لنا عن حلولٍ مساعدة منها عملية تكميم المعدة على سبيل المثال.
ما هي عملية التكميم؟
يعاني البعض من كبر كميات الطعام الذي يتناولونها كسببٍ رئيسي من أسباب زيادة الوزن، فمع الوقت ومع الاعتياد على تناول الوجبات الكبيرة تتسع معداتهم وتزيد من قدرتها على تخزين كميات الأكل وهو ما يذهب مباشرةً لمخزون الجسم من الدهون بشكلٍ رئيسيٍ مسببًا زيادة الوزن.
الجسم بحاجةٍ إلى مقادير محددة من الطعام للقيام بوظائفه الرئيسية وكل ما زاد عن تلك الحاجة يسبب السمنة، لذلك تعتمد عملية تكميم المعدة بشكلٍ رئيسيٍ على تلك النقطة بحيث يتم فيها تصغير حجم المعدة عبر إزالة جزء منها يبلغ حوالي 70-80% من حجمها تاركًا ممرًا أنبوبي الشكل أشبه ما يكون بثمرة الموز أو جزءًا صغيرًا أشبه بالوعاء الصغير، وهذه العملية لا يمكن العودة فيها مرةً أخرى وتركيب الجزء المزال ثانيةً.
بهذه الطريقة سيصبح الشعور بالشبع أمرًا سريعًا جدًا مجرد تناول الطعام وامتلاء الجزء الصغير الباقي من المعدة ولن تكون قادرًا على تناول كميةٍ أكبر، وبذلك تقل كميات الطعام التي تتناولها للكمية التي سيستهلكها جسدك فحسب دون أن يصبح هناك فائض يتم تخزينه ما سيساعدك على فقدان الوزن بشكلٍ كبير.
أنواع عمليات تكميم المعدة
تصنف عملية تكميم المعدة تحت بند العمليات الجراحية لعلاج البدانة وتختلف وتنقسم إلى عدة أنواع حسب الشخص وحالته الصحية ووزنه ورغبته وهدفه، أشهر وأنجح تلك العمليات هي عملية قص المعدة وترك أنبوب طولي منها يصل بين المريء والاثني العشر.
في بعض الأنواع الأخرى يتم القص من الجزء العلوي من المعدة ثم قص الأمعاء الدقيقة وربطها بقمة المعدة وبذلك يتم تقليل كمية الطعام الداخل للمعدة والممتص للجسم بدخول طعام غير مهضوم إلى الأمعاء الدقيقة مباشرةً فور تناوله فلا يُمتص ويخرج من الجسم بينما تقل كمية الطعام الموجود في المعدة والممتص بالطريقة الطبيعية.
يمكن أيضًا في نوعٍ آخر ربط المعدة وذلك عن طريق وضع رباط حول الجزء العلوي من المعدة لتقليل حجمها، وهو ما يحد من كمية الطعام التي تستوعبها فعندما يزيد الطعام من الطبيعي أن تتمدد المعدة، إلا أنه بوجود ذلك الرباط يمنعها من التمدد فيشعرك بالشبع والامتلاء ويمنعك من تناول أكثر من حاجتك.
عندما يدخل الطعام ببطءٍ إلى معدتك سيشعرك ذلك بالشبع بالتأكيد وهو ما اعتمدت عليه تقنيةٌ أخرى يتم فيها إحداث ثقب في وسط المعدة ثم غلق المعدة من حوله ويتم ربط المعدة رأسيًا من الثقب في وسطها لقمتها، بينما يقوم الطبيب بتضييق الجزء الأفقي القريب من المريء وبذلك يصبح الجزء من المعدة الذي يصب فيه المريء الطعام صغيرًا وضيقًا ويتحرك منه الطعام إلى الجزء السفلي بكمياتٍ قليلة ستقلل حتمًا من حجم وجباتك.
المرشحين لعملية تكميم المعدة
مجرد حاجتك لفقدان الوزن البسيط وحتى عشرة وخمسة عشر وعشرين كيلوغرامًا لا يعني أنك بحاجةٍ لإجراء عملية تكميم المعدة فتلك عملية كبيرة وقرار مصيري لا يمكنك العودة فيه وإعادة معدتك لطبيعتها مرةً أخرى كما كانت وتعتبر خط النجاة لليائسين وأولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة والحاجة لإنقاص ما يقارب نصف وزنهم بالكامل!
لذلك لو زيادتك في الوزن عادية لربما تحتاج إلى البحث عن وسائل نحت الجسم ولو كنت تعاني من دهون البطن فستجد عملية شفط الدهون من الحلول السهلة المتاحة قبل أن تتجه بنظرك لتكميم المعدة، اتباع الرياضة والأنظمة الغذائية الصحية ليس أمرًا مقتصرًا على زيادة الوزن ونقصانه فحسب وإنما هو هامٌ لصحتك وجسدك بشكلٍ عام فاحرص على الاهتمام بهما ستجد الفرق بعد فترة واضحًا.
يُرشح الأطباء أشخاصًا محددين وحالاتٍ معينة لإجراء عملية تكميم المعدة أولهم هم الذين يعانون من السمنة المفرطة لدرجة كون بقية وسائل إنقاص الوزن شبه معدومة الفعالية معهم ما لم يخضعوا لتلك العملية لمساعدتهم على إنقاصه.
يعاني البعض من أمراضٍ صحية بسبب السمنة المفرطة والبعض الآخر تشكل السمنة خطرًا على حياتهم مثل مرضى القلب ومرضى السكري وتعرضهم أحيانًا لارتفاعٍ خطيرٍ في ضغط الدم ولخطر التعرض لذبحةٍ صدرية أو جلطةٍ دماغية وتكون حياتهم معتمدةً على فقدانهم الوزن الزائد والتخلص من تلك الدهون عندها يرشحهم الأطباء لعملية التكميم.
إجراء عملية تكميم المعدة
في المعتاد تستغرق العملية عدة ساعات على حسب نوعها والحالة الصحية للمريض، في البداية تنقسم طريقة إجراء العملية لنوعين النوع الأول الطبيعي يتم فيه إحداث شق جراحي في البطن ثم تكميم المعدة وغلق الشق بعد ذلك، وهو نوع غير مفضل للجميع خاصةً النساء لأنه يترك ندبًا كبيرًا مكان الشق ويحتاج إلى عملية تجميلية لعلاجه.
أما النوع الآخر يتم فيه إحداث شقوق صغيرة جدًا في البطن ثم إدخال منظار جراحي تتم العملية عن طريقه، وبعد انتهاء العملية تُغلق تلك الشقوق كجراح صغيرة عادية وهو ماله مميزاته عن النوع السابق أولًا من الناحية الجمالية وثانيًا من حيث سرعة الشفاء والتعافي من العملية.
يستخدم الطبيب تخديرًا كليًا فيها وتكون أولوية أي طبيبٍ في البداية إجراء العملية بالمنظار الطبي لكن في حالاتٍ معينة قد يُضطر الطبيب للجوء للشق الجراحي، يصل الطبيب للمعدة ويقوم بمعالجة أنسجتها ويقص الجزء الذي يريد إزالته ثم يغلق الجزء الباقي، أحيانًا يزيل الطبيب المرارة تجنبًا لحصواتها وفي أحيانٍ أخرى تُعالج الحصوات عبر العقاقير دون إزالة المرارة.
الاستعداد قبل العملية
الاستعداد لعملية تكميم المعدة يحتاج منك إلى الاهتمام والانتظام لأن أول استعدادٍ عليك أن تقوم به هو الاستعداد النفسي والانتباه لحقيقة أن هذه العملية ستغير نظام وروتين حياتك السابق تمامًا، وستدفعك إلى نبذ العادات القديمة في تناول الطعام واتباع نظام حياةٍ جديد وصحي فإن لم تكن مستعدًا لذلك قد تصاب بالاكتئاب أو الصدمة النفسية لحدوث تغيرٍ كبيرٍ كهذا لجسدك.
ابدأ بممارسة الرياضة واجعلها جزءًا من حياتك قبل العملية لأنك ستصبح مجبرًا لجعلها كذلك بعد العملية فابدأ قبل ذلك بالتدريج، بالنسبة لعاداتك في تناول الطعام عليك أن تغيرها فنظرًا لحقيقة أن العملية ستقلل من كمية الطعام الذي تتناوله إذًا أنت بحاجةٍ للبحث عن الصحي والمفيد منه والذي يحتاجه جسدك لتتناوله بدلًا من أن تملًأ معدتك بطعامٍ غير مفيد وتصبح عاجزًا عن تناول المفيد بعد العملية.
تجنب الأطعمة المشبعة بالدهون والسكريات لأنك بعد العملية لن تجد لها مكانًا في معدتك المُصغرة، وابدأ بتناول الفيتامينات المنوعة واجعلها جزءًا من نظام غذائك حتى لا يتعرض جسدك لنقصٍ فيها وقصورٍ في الوظائف المعتمدة عليها، ولا تنسَ شرب الماء ولا تغفل عنه.
توقف عن التدخين قبل إجراء العملية ولا تتناول الأدوية المسيلة للدم، إن كنت تتناول أي نوع من الأدوية أخبر طبيبك عنه واسأله إن كنت بحاجةٍ للتوقف عنه فترة إجراء العملية أم لا مشكلة في تناوله.
قبل العملية بيومٍ واحد ابتعد عن الأطعمة الثقيلة والكميات الكبيرة وركز أكثر على الماء والمشروبات، وتوقف تمامًا عن الأكل بعد منتصف ليلة ما قبل العملية لأنك يجب أن تخضع للعملية بمعدةٍ خاوية.
بعد العملية وما الذي تتوقعه منها
من الطبيعي أن تشعر بالألم مكان العملية وقد تستمر في تناول المسكنات لأول أسبوعٍ حتى تتخلص من الألم، وعليك كذلك أن تبتعد عن أي مجهودٍ بدنيٍ عنيف وأي حركات قد تؤثر على البطن وتسبب الألم لأن ذلك سيؤدي لتقليل سرعة تعافيك فحسب ولن يساعد في شيء، كما أنك في حالة الشق الجراحي قد تتسبب بمجهودك في انفتاح الغرز والنزيف فكن حذرًا، تستطيع العودة لحياتك الطبيعية بعد مرور شهرٍ أو شهرٍ ونصف.
عند تناول الطعام ستلاحظ الفرق سريعًا مع أول وجبةٍ لك ستشعر بالامتلاء بعد وقتٍ قصيرٍ من بداية تناول الطعام، وأحيانًا في البداية قد تعاني من الإسهال والإحساس الدائم بالغثيان مجرد تناوله، لكن مع الوقت ستعتاد على الكمية التي تستوعبها معدتك من الطعام وتقل تلك الأعراض.
في الشهر الأول التالي للعملية سيضع لك الطبيب قائمةً بالأطعمة المسموح بها حتى تلتئم المعدة، وهي أطعمة سهلة وسوائل بكمياتٍ بسيطة تستطيع المعدة تحملها، وبعد إجرائك العملية لا تحاول أن تأكل فوق طاقتك وطاقة معدتك لأن ذلك سيؤدي لطريقين أحدهما التقيؤ والآخر هو اتساع المعدة مرةً أخرى لتصبح عمليتك بلا جدوى، توقف فور الإحساس بالشبع.
توجد أيضًا حقيقةٌ مهمة يغفل عنها البعض وهي أن هذه عملية تكميم المعدة وليست عملية نحتٍ أو شفط دهون، وهو ما يعني أنها لن تنقص من وزنك وحدها دون مساعدةٍ منك، فبعد تلك العملية أنت بحاجةٍ لاتباع نظامٍ غذائيٍ صحيٍ ومفيد وممارسة الرياضة بشكلٍ منتظم للتخلص من وزنك الزائد، كل ما ستساعدك به العملية هو تقليل كمية الطعام ومنعك من اكتساب وزنٍ أكثر من وزنك.
مخاطر عملية تكميم المعدة
من أشهر مخاطر عملية التكميم هو ضعف التغذية الذي سيبدأ الجسم من المعاناة منه وسببه الرئيسي هو ضعف الامتصاص، تعتمد أغلب عمليات تكميم المعدة على إضعاف عملية الامتصاص لتقليل كمية المواد الداخلة للجسم ومنعه من تخزينها، وهو أمرٌ رائعٌ مع الدهون لكنها مشكلةٌ كبيرة عندما يبدأ الجسم من المعاناة بسبب ضعف امتصاص المعادن والفيتامينات والأساسيات الغذائية الموجودة في الغذاء ونقصها وهو ما يؤثر على وظائفه الحيوية.
عند تناولك كميةً أكبر مما تستوعبه معدتك ستعاني من الغثيان والتقيؤ الدائمين وهو ما له آثاره السلبية، مثل ضعف التغذية ثانيةً وحدوث التهابات في البلعوم والمريء بسبب حمض المعدة الذي يعود إليهما عند التقيؤ مع الطعام.
يعاني البعض الآخر من حصوات المرارة والتي تحتاج عقاقير خاصةً لإذابتها، بينما في حالاتٍ أخرى قد يحدث تسريبٌ من المعدة ويخرج الطعام منها إلى تجويف البطن وهو أمرٌ في غاية الخطورة قد يؤدي للتسمم والموت إن لم يتم الانتباه له وعلاجه بسرعة..
وكنتيجةٍ لكون العملية تعتمد على إحداث جرحٍ كبيرٍ أو جراحٍ صغيرة فبالطبع يكون المريض معرضًا لخطر تلوث تلك الجراح أو الإصابة بالعدوى لذلك هو بحاجةٍ للاهتمام بجراحه وتنظيفها وتطهيرها بشكلٍ مستمر حتى تُشفى.
النتائج بعد العملية
بمساعدة الغذاء الصحي والرياضة حصل الكثيرون على نتائج رائعة ومبهرة لفقدانهم الوزن مقارنةً بالوقت والمجهود اللذان كانا سيُبذلان بدون عملية تكميم المعدة وفقدوا أوزانًا كبيرةً في وقتٍ قصير، ولكن مثلما لذلك مميزاته لكن له عيوب مثل ترهلات البطن لكن علاجها لم يعد أمرًا صعبًا اليوم.
وإن كنت تعاني من واحدٍ من الأمراض التي ترتبط أو تسوء بالوزن الزائد فمع فقدان الوزن ستلاحظ تحسن حالتك الصحية كثيرًا وانعدام شكواك من بعض تلك الأمراض تمامًا بعد إجراء العملية، كما أنها ستقلل من كسلك وستشعرك أنك أكثر قدرةً على ممارسة الرياضة وبذل المجهود.